فصل: سنة إحدى عشرة وأربعمئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ثلاث وأربعمئة:

فيها أخذ الركب العراقي وتسمى نوبة واقصة، نزل فليتة الخفاجي- قبحه الله- في ستمئة بواقصة، فغوّر المياه، وطرح الحنظل في الآبار، فلما جاء الركب إلى العقبة، حبسهم ومنهم العبور، إلا بخمسين ألف دينار، فخافوا وضعفوا وعطشوا، فهجم الملعون عليهم، فلم يكن عدهم منعة، وسلّموا أنفسهم، فاحتوى على الجمال بالأحمال واستاقها، وهلك الركب إلا القليل، فقيل إنه هلك خمسة عشر ألف إنسان، فأمر فخر الملك الوزير علي بن مزيد، فصار فأدركهم بناحية البصرة، فظفر بهم، وقتل طائفة كبيرة، وأسر والد فليتة والأشتر، وأربعة عشر رجلاً، ووجدوا أموال الناس قد تمزقت، فانتزع ما أمكنه، فعطشوا الأسرى على جانب دجلة، يرون الماء ولا يسقون، حتى هلكوا.
وفيها توفي أبو القاسم إسماعيل بن الحسن الصرصري البغدادي،
سمع أبا عبد الله المحاملي، وابن عقدة. قال البرقاني: ثقة صدوق وفيها ولي على أبو حامد الإسفراييني.
وبهاء الدولة، السلطان أبو نصر بن السلطان عضد الدولة بن ركن الدولة بن بزيه الدَّيلمي، صاحب العراق وفارس، توفي بأرَّجان، في جمادى الأولى، وله اثنتان وأربعون سنة، وكانت أيامه بضعاً وعشرين سنة، ومات بعلَّة الصرع، وولي بعده ابنه سلطان الدولة، فبقي في الملك اثني عشر عاماً.
والحسن بن حامد، أبو عبد الله البغدادي، شيخ الحنابلة قال القاضي أبو يعلي: كان ابن حامد، مدرّس أصحاب أحمد وفقيههم في زمانه، وله المصنفات العظيمة، منها الكتاب الجامع، نحو أربعمئة جزء، في اختلاف العلماء، وكان معظَّماً مقدّماً عند الدولة والعامة.
وقال غيره: روى عن النجاد وغيره، وتفقّه على أبي بكر عبد العزيز، وكان قانعاً، يأكل من النَّسخ، ويكثر الحجّ، فلما كان في هذا العام، حجّ وعدم فيمن عدم، إذ أخذ الركب.
والقاضي أبو عبد الله الحليمي، الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري، الفقيه الشافعي، صاحب التصانيف، أخذ عن أبي علي القفّال، والشاشي، وسمع من محمد بن أحمد بن خنب، وجماعة. وهو صاحب وجه في المذهب، توفي في ربيع الأول، وله مخمس وستون سنة، وكان إماماً متقناً.
وأبو علي الروذباري، الحسين بن محمد الطوسي، راوي السنن عن ابن داسة، توفي في ربيع الأول، أكثر عنه البيهقي ولي الحاكم وجده حسن.
وأبو الوليد بن الفرضي، عبد الله بن محمد بن يوسف القرطبي الحافظ، مؤلف تاريخ الأندلس. قال ابن عبد البرّ: كان فقيهاً عالماً في جميع فنون العلم، في الحديث والرجال، قتلته البربر في داره.
وقال أبو مروان بن حيان: وممن قتل يوم فتح قرطبة: الفقيه الأديب الفصيح ابن الفرضي، وواروه من غير غسل ولا كفن ولا صلاة، ولم ير مثله بقرطبة في سعة الرواية وحفظ الحديث، والافتنان في العلوم، والأدب البارع، ولي قضاء بلنسية، وكان حسن البلاغة والخط.
قلت عاش اثنتين وخمسين سنة.
وأبو الحسن القابسي، علي بن محمد بن خلف المعافري القيرواني الفقيه، شيخ المالكية، أخذ عن ابن مسرور الدباغ، وفي الرِّحلة عن حمزة الكناني، وطائفة، وصنّف تصانيف فائقة في الأصول والفروع، وكان مع تقدمه في العلوم، صالحاً تقياً ورعاً، حافظاً للحديث وعلله، منقطع القرين، وكان ضريراً.
وابن الباقلاني، القاضي أبو بكر محمد بن الطيّب بن محمد بن جعفر البصري المالكي الأصولي المتكلم، صاحب المصنّفات، وأوحد وقته في فنه، روى عن أبي بكر القطيعي، وأخذ علم النظر عن أبي عبد الله بن مجاهد الطائي صاحب الأشعري، وكانت له بجامع المنصور حلقة عظيمة.
قال الخطيب: كان ورده في الليل عشرين ترويحة، في الحضر والسفر، فإذا فرغ منها، كتب خمساً وثلاثين ورقة من تصنيفه. توفي في ذي القعدة ببغداد.
وأبو بكر الخوارزمي، محمد بن موسى، شيخ الحنفية، ومن انتهت إليه رئاسة المذهب في الآفاق، أخذ عن أبي بكر أحمد بن علي الرازي، وسمع من أبي بكر الشافعي.
قال البرقاني: يقول سمعته يقول: ديننا دين العجائز، ولسنا من الكلام في شيء.
وقال القاضي الصَّيمري: ما شاهد الناس مثل شيخنا أبي بكر الخوارزمي، من حسن الفتوى وحسن التدريس، دعي إلى القضاء مراراً فامتنع، وتوفي في جمادى الأولى.
وأبو رماد الرَّمادي، شاعر الأندلس، يوسف بن هارون القرطبي الأديب، أخذ عن أبي علي القالي وغيره، وكان فقيراً معدماً، ومنهم من يلقبه بأبي حنيش.

.سنة أربع وأربعمئة:

فيها توفي أبو الفضل السليماني الحافظ، وهو أحمد بن علي بن عمرو البيكندي البخاري، محدّث تلك الديار، طوَّف وسمع الكثير، وحدّث عن عليّ بن إسحاق المادرائي والأصمّ وطبقتهما، وجمع وصنّف، وتوفي في ذي القعدة، وله ثلاث وتسعون سنة.
وأبو الطيّب الصعلوكي، سهل بن الإمام أبي سهل محمد بن سليمان العجلي النيسابوري الشافعي، مفتي خراسان، روى عن الأصم وجماعة.
قال الحاكم: هو أنظر من رأينا، تخرّج به جماعة.
وأبو الفرج النَّهرواني، مقرئ بغداد، عبد الملك بن بكران، أخذ القراءات عن زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد بن أبي هاشم وطائفة، وسمع من أبي بكر النجّاد وجماعة، وصنّف في القراءات، وتصدّر مدّة يحيى بن عبد الرحمن بن واقد القاضي القرطبي الأرج فيسر المعسر.

.سنة خمس وأربعمئة:

فيها منع الحاكم بمصر، النساء من الخروج من بيوتهنّ أبداً، ومن دخول الحمامات، وأبطل صنعة الخفاف لهن، وقتل عدة نسوة خالفهن أمره، وغرّق جماعة عجائز.
وفيها توفي أبو الحسن العبقسي، أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس المكّي العطّار، مسند الحجاز في وقته، وله ثلاث وتسعون سنة، تفرَّد بالسماع من محمد بن إبراهيم الديبلي وغيره.
وأبو علي بن حكمان، الحسن بن الحسين الهمذاني، الفقيه الشافعي نزيل بغداد، روى عن عبد الرحمن بن حمدان الجلاب، وجعفر الخلدي، وطبقتهما، وعني بالحديث والفقه، ضعَّفه الأزهري وأبو الحسن.
والمجبِّر أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصَّلت البغدادي روى، عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وأبي بكر بن الأنباري، وجماعة كثيرة، ضعّفه البرقاني وغيره، وتوفي في رجب، وله إحدى وتسعون سنة.
وبكر بن شاذان، أبو القاسم البغدادي الواعظ الزاهد. قرأ على زيد ابن أبي بلال الكوفي، وجماعة. وحدّث عن ابن قانع وجماعة.
قال الخطيب: كان عبداً صالحاً ثقةً. توفي في شوال. قلت: قرأ عليه جماعة.
وأبو محمد بن الأكفاني، قاضي القضاة، عبد الله بن محمد الأسدي البغدادي، حدّث عن المحاملي وابن عقدة وخلق. قال أبو إسحاق إبراهيم ابن أحمد الطبري: من قال إن أحداً أنفق على أهل العلم مائة ألف دينار فقد كذب، غير أبي محمد بن الأكفاني.
قلت: ولي القضاء بالعراق، سنة ست وتسعين، وعاش تسعاً وثمانين سنة.
والإدريسي الحافظ، أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد الاستراباذي، نزيل سمرقند ومحدثها ومؤرخها، سمع الأصمّ فمن بعد، وألّف الأبواب والشيوخ.
وأبو نصر بن نباتة عبد العزيز بن عمر بن محمد بن أحمد بن نباتة، أحد شعراء العصر ببغداد، ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمئة، ومدح الملوك والوزراء، وله ديوان كبير. قال رئيس الرؤساء: ما شاهد ابن نباتة الشاعر، أشعر منه، وكان يعاب بكبر فيه.
وأبو القاسم عبد الواحد بن الحسين شيخ الشافعية بالبصرة وهو صاحب وجه في المذهب وعليه تفقه أقضى القضاة الماوردي ولا أعلم متى توفي.
وأبو بكر بن أبي الحديد، محدث دمشق، محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد السُّلمي الدمشقي المعدَّل. روى عن أبي الدَّحداح أحمد بن محمد، وأبي بكر الخرائطي، وطائفة. وكان ثقة نبيلاً جليل القدر، عاش ستّاً وتسعين سنة.
والحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبِّي الطهمان النيسابوري، الحافظ الكبير، ويعرف أيضاً بابن البيِّع، ولد سنة إحدى وعشرين وثلاثمئة، واعتنى به أبوه، فسمّع في صغره، ثم هو بنفسه، وكتب عن نحو ألفي شيخ، وحدّث عن الأصمّ، وعثمان بن السمك، وطبقتهما، وقرأ القراءات على جماعة، وبرع في معرفة الحديث وفنونه، وصنّف التصانيف الكثيرة، وانتهت إليه رئاسة الفن بخراسان، لا بل في الدنيا، وكان فيه تشيُّع وحطّ على معاوية. وهو ثقة حجة. توفي في صفر.
وابن كجّ، القاضي أبو القاسم يوسف بن أحمد بن كج الدِّينوريّ، صاحب الإمام أبي الحسن بن القطّان. صنّف التصانيف، وكان بعض الفقهاء يفضله على أبي حامد الإسفراييني، وكان يضرب به المثل في حفظ مذهب الشافعي، وكان أيضاً محتشماً جواداً ممدّحاً، وهو صاحب وجه. وقد قال له هه: يا أستاذ، الاسم لأبي حامد والعلم لك، قال: ذاك رفعته بغداد، وحطتني الدِّينور، قتل ليلة السابع والعشرين من رمضان، رحمه الله تعالى.

.سنة ست وأربعمئة:

فيها توفي الشيخ أبو حامد الإسفراييني، أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد، الفقيه، شيخ العراق، وإمام الشافعية، ومن انتهت إليه رئاسة المذهب. قدم بغداد صبياً، وتفقه على ابن المرزبان، وأبي القاسم الداركي، وصنّف التصانيف، وطبّق الأرض بالأصحاب، وتعليقته في نحو خمسين مجلداً، وكان يحضر درسه سبعمئة فقيه. توفي في شوال، وله اثنتان وستون سنة. وقد حدّث عن أبي أحمد بن عديّ وجماعة.
والملك باديس بن المنصور بن بلَّكين بن زيري الصِّنهاجي المغربي،
متولّي أفريقية، نصير الدولة، واي للحاكم، وعاش بضعاً وثلاثين سنة، وكان ملكاً حازماً شديد البأس، إذا هزّ رمحاً كسره، ومات فجأة، وقام بعده، ولده المعزّ.
وأبو علي الدقّاق، الحسن بن علي النيسابوري، الزاهد العارف شيخ الصوفية، توفي في ذي الحجة. وقد روى عن أبي عمرو بن حمدان وغيره.
وأبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري المفسّر، صنّف في علوم القرآن والآداب، وله كتاب عقلاء المجانين سمع من الأصم وجماعة.
وتوفي في ذي الحجة.
وأبو يعلى المهلَّبي، حمزة بن عبد العزيز بن محمد النيسابوري الطبيب، روى عن محمد بن أحمد بن ددويه، صاحب البخاري، وأبي حامد ابن بلال، وجماعة. وتفرّد بالسماع من غير واحد، توفي يوم النَّحر عن سنّ عالية.
وأبو أحمد الفرضي عبيد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي مسلم المقرئ، شيخ بغداد. قرأ على أحمد بن بويان، وسمع من يوسف بن البهلول الأزرق، والمحاملي. قال الخطيب: كان ثقة ديّنا ورعاً. وقال العتيقي: ما رأينا في معناه مثله. وقال الأزهري: إمام من الأئمة.
قلت: عاش اثنتين وثمانين سنة.
وأبو الهيثم عتبة بن خيثمة بن محمد بن حاتم التميمي النيسابوري، شيخ الحنفية بخراسان، كان عديم النظير في الفقه والفتوى. نفقه على أبي الحسين قاضي الحرمين، وأبي العباس التبان، وسمع لما حجّ من أبي بكر الشافعي، وجماعة. وولي قضاء نيسابور تسع سنين روى عنه ابن خلف.
وابن فورك، الإمام المتكلم، أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني المتكلم، صاحب التصانيف في الأصول والعلم. روى مسند الطيالسي عن أبي محمد بن فارس، وتصدّر للإفادة بنيسابور، وكان ذا زهد وعبادة، وتوسّع في الأدب والكلام والوعظ والنحو.
والشريف الرَّضي، نقيب العلويين، أبو الحسن محمد بن الحسين بن موسى بن محمد الحسيني الموسوي البغدادي الشيعي، الشاعر المفلق، الذي يقال إنه أشعر قريش، ولد تسع وخمسين وثلاثمئة، وابتدأ بنظم الشعر، وله تسع سنين، وكان مفرط الذكاء، له ديوان في أربعة مجلدات، وقيل إنه أحضر في مجلس أبي سعيد السِّيرافي. فسأله ما علامة النصب في عمر، فقال: بغض عليّ، فعجبوا من حدة ذهنه، ومات أبوه في سنة أربعمئة، أو بعدها، وقد نيَّف على التسعين، وأما أخوه الشريف المرتضي فتأخر.

.سنة سبع وأربعمئة:

فيها سقطت القبة العظيمة التي على صخرة بيت المقدس.
وفيها هاجت فتنة مهولة بواسط، بين الشَّيعة والسنّة. ونهبت دور الشيعة، وأحرقت، وهربوا وقصدوا علي بن مزيد، واستنصروا به.
وفيها توفي أبو بكر الشيرازي، أحمد بن عبد الرحمن الحافظ، مصنّف كتاب الألقاب كان أحد من عني بهذا الشأن، وأكثر الترحال في البلدان، ووصل إلى بلاد الترك، وسمع من الطَّبراني وطبقته. قال عبد الرحمن ابن مندة: مات في شوال.
وعبد الملك بن أبي عثمان، أبو سعيد النيسابوري، الواعظ القدوة، المعروف بالخركوشي، صنّف كتاب الزهد وكتاب دلائل النبوة وغير ذلك. قال الحاكم: لم أرَ أجمع منه علماً وتواضعاً، وإرشاداً إلى الله، زاده الله توفيقاً، وأسعدنا بأيامه. روى عن حامد الرفّا وطبقته، وتوفي في جمادى الأولى.
ومحمد بن أحمد بن شاكر القطّان، أبو عبد الله البصري، مؤلف فضائل الشافعي في المحرم، روى عن عبد الله بن جعفر بن الورد، وطائفة.
وأبو الحسين المحاملي، محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبِّي البغدادي، الفقيه الشافعي الفرضي شيخ سليم الرازي. روى عن إسماعيل الصفّار، وطائفة.
والوزير فخر الملك أبو غالب بن الصيرفي، الذي صنف الفخري في الجبر والمقابلة باسمه، وكان جواداً ممدّحاً كبير القدر، كامل السؤدد، قتله مخدومه سلطان الدولة صاحب العراق ظلماً، وله ثلاث وخمسون سنة. وقد كانت بغداد انغمرت بعدله وحسن سياسته، وكان أبوه صيرفيّاً بواسط.

.سنة ثمان وأربعمئة:

فيها وقعت فتنة عظيمة، بين السنّة والشيعة وتفاقمت، وقتل طائفة من الفريقين، وعجز صاحب الشرطة عنهم وقاتلوه، فأطلق النيران في سوق نهر الدجاج.
وفيها استتاب القادر بالله- وكان صاحب ستة- طائفة من المعتزلة والرافضة، وأخذ خطوطهم بالتوبة، وبعث إلى السلطان محمود بن سبكتكين، يأمره ببثّ السنة بخراسان، ففعل ذلك وبالغ، وقتل جماعة، ونفى خلقاً كثيراً من المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والجهمية والمشبّهة، وأمر بلعنهم على المنبر.
وفيها قتل الدُّرزي وقطِّع، لكونه ادعى ربوبية الحاكم.
وفيها توفي ابن ثرثال، أبو الحسن أحمد بن عبد العزيز بن أحمد التميمي البغدادي، في ذي القعدة بمصر، وله إحدى وتسعون سنة. روى عن المحاملي، ومحمد بن مخلد. وله جزء واحد، رواه عنه الصوري والحبّال.
وابن البيِّع، أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى البغدادي المؤدِّب، صاحب المحاملي. وثّقه الخطيب، ومات في رجب.
واليزدي، أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني، محدِّث أصبهان. روى عن محمد بن الحسين القطان، والأصم، وطبقتهما. وتوفي في رجب.
وأبو الفضل الخزاعي، محمد بن جعفر بن عبد الكريم الجرجاني المقرئ، مصنف كتاب الواضح وكان كثير التطواف في طلب القراءات، أخذ عن الحسن بن سعيد المطوِّعي وطبقته، وكان غير صادق، ولا ثقة.
وأبو عمر البسطامي، محمد بن الحسين بن محمد بن الهيثم، الفقيه الشافعي، قاضي نيسابور، وشيخ الشافعية بها، رحل وسمع الكثير، ودرّس المذهب، وأملى عن الطَّبراني وطبقته، توفي في ذي القعدة.

.سنة تسع وأربعمئة:

فيها توفي أبو الحسين بن المتيم، أحمد بن محمد بن أحمد بن حماد البغدادي الواعظ، في جمادى الآخرة. له جزء شهور. روى عن المحاملي وجماعة.
وابن الصَّلت الأهوازي، أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمئة، وسمع من المحاملي وابن عقدة، وجماعة. وهو ثقة.
وعبد الله بن يوسف بن مامويه، الشيخ أبو محمد، المعروف بالأصبهاني، وإنما هو أردستاني، نزل نيسابور، وكان من كبار الصوفية، وثقات المحدثين الرحّالة، روى عن أبي سعيد بن الأعرابي، ومحمد بن الحسين القطّان، وجماعة. توفي في رمضان وله أربع وتسعون سنة.
وعبد الغني بن سعيد بن علي، الحافظ الكبير النسابة، أبو محمد الأزدي المصري، صاحب التصانيف، في سابع صفر، وله سبع وسبعون سنة.
روى عن عثمان بن محمد السمرقندي، وإسماعيل بن الجراب، وطبقتهما. ورحل إل الشام، فسمع من الميانجي وطبقته. وكان الدَّراقطني يفخم أمره، ويرفع ذكره، ويقول: كأنه شعلة نار.
وقال منصور الطوسي: خرجنا نودع الدارقطني بمصر فبكينا، فقال: تبكون وعندكم عبد الغني وفيه الخلف. وقال البرقاني: ما رأيت بعد الدارقطني، أحفظ من عبد الغني.
والقاسم بن أبي المنذر الخطيب، أبو طلحة القزويني. راوي سنن ابن ماجة، عن أبي الحسن القطان، عنه. توفي في هذا العام، أو في الذي بعده.

.سنة عشرة وأربعمئة:

فيها افتتح ابن سبكتكين الهند، وقهر عبّاد البد، وأسلم نحو من عشرين ألفاً، وقتل من الكفار نحو خمسين ألفاً، وهدم مدينة الأصنام.
وبلغ الخمس من الرقيق فقط ثلاثة وخمسين ألفاً، واستولى على عدّة قلاع وحصون، ومما حصل من الورق، عشرون ألف ألف درهم، إلى أمثال ذلك.
وكان جيشه ثلاثين ألف فارس، سوى الرجّالة والمطوِّعة.
وفيها توفي أحمد بن موسى بن مردويه، أبو بكر الحافظ الأصبهاني، صاحب التفسير والتاريخ والتصنيف، لست بقين من رمضان، وقد قارب التسعين، سمع بأصبهان والعراق. وروى عن أبي سهل ابن زياد القطّان، وطبقته.
وعبد الرحمن بن عمر بن نصر، أبو القاسم الشيباني الدمشقي المؤدب، في رجب، روى عن خيثمة وطبقته، واتهموه في لقي أبي إسحاق ابن أبي ثابت، ويذكر عنه الاعتزال.
وابن بالويه المزكَّي، أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه النيسابوري، آخر من روى عن محمد بن الحسين القطّان. وكان ثقة نبيلاً وجيهاً، توفي فجأة في شعبان، وكان يملي في داره.
وابن بابك الشاعر المشهور، واسمه عبد الصمد بن منصور بن بابك ديوانه في ثلاث مجلدات. وقد قال له الصاحب إسماعيل بن عبَّاد: أنت ابن بابك؟ فقال له: ابن بابك. فأعجبه قوله كثيراً.
وأبو عمر بن مهدي، عبد الواحد بن محمد بن عبد الله الفارسي ثم البغدادي البزاز، آخر أصحاب المحاملي، وابن مخلد، وابن عقدة. قال الخطيب: ثقة. توفي في رجب، وله اثنتان وتسعون سنة.
والقاضي أبو منصور محمد بن محمد بن عبد الله الأزدي الهروي، شيخ الشافعية بهراة، ومسند البلد، رحل وسمع ببغداد من أحمد بنىعثمان الأدمي، وبالكوفة من ابن دحيم وطائفة، توفي فجأة في المحرم.
وأبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، الفقيه الشافعي، عالم نيسابور ومسندها. ولد سنة سبع عشرة وثلاثمئة، وسمع سنة خمس وعشرين، من أبي حامد بن بلال، ومحمد بن الحسين القطّان، وعبد الله بن يعقوب الكرماني، وخلق. وأملى ودرَّس، وكان قانعاً متعففاً، له مصنف في علم الشروط، توفي في شعبان، وقد روى عنه الحاكم مع تقدُّمه.
وهبة الله بن سلامة، أبو القاسم البغدادي المفسر، مؤلف كتاب الناسخ والمنسوخ، وهو جدّ رزق الله التميمي لأمه، كان من أحفظ الأئمة للتفسير، وكان ضريراً، له حلقة بجامع المنصور.

.سنة إحدى عشرة وأربعمئة:

فيها كان الغلاء المفرط بالعراق، حتى أكلوا الكلاب والحمر.
وفيها أبو نصر النرسي، أحمد بن محمد بن أحمد بن حسنون البغدادي، الصدوق العبد الصالح. روى عن ابن البختري، وعلي بن إدريس الستوري.
والحاكم بأمر الله، أبو علي منصور بن عبد العزيز بن نزار بن المعزّ العبيدي، صاحب مصر والشام والحجاز والمغرب، فقد في شوال، وله ست وثلاثون سنة، جهزت أخته ست الملك، عليه من قتله، وكان شيطاناً مريداً، خبيث النفس، متلوَّن الاعتقاد، سمحاً جواداً، سفاكاً للدماء، قتل خلقاً كثيراً من كبراء دولته صبراً، وأمر بشتم الصحابة، وكتبه على أبواب المساجد، وأمر بقتل الكلاب، حتى لم يبق بمملكته منها إلا القليل، وأبطل الفقَّاع والملوخيّة، والسمك الذي لا فلوس له، وأتى بمن باع ذلك سرً فقتلهم، ونهى عن بيع الرطب، ثم جمع منه شيئاً عظيماً فأحرقه، وأباد أكثر الكروم، وشدّد في الخمر، وألزم أهل الذمّة بحمل الصُّلبان والقرامي في أعناقهم كما تقدم، وأمرهم بلبس العمائم السود، وهدم الكنائس، ونهى عن تقبيل الأرض له ديانة منه، وأمر بالسلام فقط، وبعث إليه باديس عامله على المغرب، ينكر عليه، فأخذ في استمالته، وحمل في كمّه الدفاتر، ولزم التفقُّه، وأمر الفقهاء ببثّ مذهب مالك، واتخذ له مالكيين يفقهانه، ثم ذبهما صبراً، ثم نفى المنجمين من بلاده، وحرَّم على النساء الخروج، فما زلن ممنوعات، سبع سنين وسبعة أشهر، حتى قتل ثم تزهَد وتألَّه ولبس الصوف، وبقي يركب حماراً، ويمرُّ وحده في الأسواق، ويقيم الحسبة بنفسه، ويقال إنه أراد أن يدّعي الإلهية كفرعون، وشرع في ذلك، فخوّفه خواص دولته، من زوال دولته فانتهى، وكان المسلمون والذمَّة في ويل وبلاء شديد معه، حتى إنه أوحش أخنه بمراسلات قبيحة، وأنها تزني بطليب بن دوّاس القائد، وكان خائفاً من الحاكم، فاتفقت معه على قتل الحاكم وسيرته طويلة عجيبة.
وأقامت أخته بعده، ولده الظاهر علي بن منصور، وقتلت ابن دواس وسائر من اطلع على سرّها، وأعدمت جيفة الحاكم، ولم يجدوا إلاَّ جبّته الصوف بالدماء، وضربات السكاكين، وحماره معرقباً.
والقاضي أبو القاسم الحسن بن الحسين بن المنذر البغدادي، قاضي ميافارقين، ببغداد في شعبان وله ثمانون سنة، وكان صدوقاً، علامة بالفرائض، روى عن ابن البختري، وإسماعيل الصفار، وجماعة.
وأبو القاسم الخزاعي، عليّ بن أحمد بن محمد البلخي راوي مسند الهيثم بن كليب الشاشي عنه، وقد روى عنه جماعة كثيرة، وحدَّث ببلخ وبخارى وسمرقند، ومات في صفر، ببخارى، عن بضع وثمانين سنة.